السبت، 14 سبتمبر 2013

تعودت الصدق

 كان أمير يبحث فى شبكة الإنترنت عن بعض الموضوعات ؛ ليعرضها على أحد معلميه ، وقد أراد أن يفرج عن نفسه قليلاً ، فدخل إحدى غرف الحوار بشبكة الإنترنت ، وأدار حواراً مع أحد الأشخاص . دخلت الأم وجلست بجواره ، وظلت تتابع ما يكتبه أمير ومن يحاوره ، فبدأ عليها الانزعاج ، وطلبت من أمير أن يستأذن من محدثه ويغلق نافذة الحوار . تعجب أمير وسأل والدته : ماذا حدث يا أمى ؟ قالت الأم : لماذا كذبت على محدثك يا أمير ، وقلت له إن اسمك يوسف ؟ 
قال أمير : أنا لم أقصد الكذب يا أمى . الأم : لقد أخبرت محدثك ان اسمك يوسف . ابتسم أمير وقال : يا أمى كل أصدقائى يفعلون ذلك حتى لا يعرفهم الآخرون . الأم : لماذا لم تقل إنك لا تريد الإفصاح عن اسمك ؟ ألا تعلم ان الله يعاقب الكذاب ؟ طأطأ أمير رأسه خجلاً واعتذر لأمه ، ثم خرج - بعد فترة - إلى حجرة الجلوس ، فوجد الأب والأم يجلسان ، فقال لوالدته : قرأت إحدى قصص البطولة ، وقد كذب فيها الفدائى على أعداء وطنه ، فهل يعاقبه الله ؟ قالت الأم : يجوز الكذب فى هذه الحالة ، فلا يحق للفدائى أن يكشف عن أسرار وطنه . وهنا أضاف الأب : هناك بعض الحالات يرخص للمرء فيها بالكذب ، ولا يعاقبه الله على ذلك . قال أمير : ماهذه الحالات يا أبى ؟ قال الأب : من هذه الحالات يا بنى : الكذب على الأعداء ، والصلح بين المتخاصمين . قال أمير : لقد فهمت الكذب على الأعداء من القصة التى قرأتها ، ولكنى لم أفهم الكذب للصلح بين المتخاصمين . ابتسم الأب وقال : تعود يا أمير أن تبحث عن المعلومة بنفسك . واصطحب أميراً إلى مكتبته ، وأعطاه كتيباً وقال له : ستجد فيه الإجابة عن سؤالك ، وفى الأسبوع القادم تسرد لنا ما قرأته . 

إتقان العمل

دق الجرس معلناً موعد طابور الصباح . فوقف التلاميذ يستمعون إلى كلمة الصباح ، وكانت عن إتقان العمل ، وأمير يرهف السمع إلى زميله الذى يلقى الكلمة . وبعد انتهاء الأنشطة الصباحية توجه التلاميذ إلى فصولهم فى همة ونشاط . جلس أمير بجانب صديقه نبيل ، وبدأت الفترة الأولى ، وكانت مخصصة للأنشطة الرياضية . رحب المعلم بالتلاميذ ، وهنأهم بالعام الجديد مؤكداً أهمية الانتظام والعمل الجاد من أول يوم ، وانتهت فترة الأنشطة الرياضية لتبدأ فترة اللغة العربية ، والتلاميذ سعداء بترحيب المعلمين ، وانقضت الفترة فى التعارف والترحيب . وهكذا انقضت فترات اليوم الدراسى الأول . عاد أمير إلى البيت ، وهو يشعر بالضيق وفى هذه اللحظة قفزت إلى ذهنه أحداث اليوم الدراسى الأول فى العام الماضى بأحد البلاد الأجنبية ؛ حبث كانت والدته فى بعثة للدراسة هناك ، تذكر أمير هذا اليوم ، لقد كان يوماً مختلفاً ، فلم يطل المعلمون الترحيب بالتلاميذ ، ولم تطل الأحاديث الإذاعية عن العمل ، وإنما كان اليوم من بدايته إلى نهايته مليئاً بالأحداث ، أنجز التلاميذ فيه كثيراً من الأعمال ؛ فقد ذهبوا إلى المكتبة ، ودخلوا حجرة المناهل ، ومارسوا الأنشطة الرياضية . ومما استرعى انتباه أمير حب هذه البلاد للعمل ، وعشقهم له ؛ فعامل النظافة وكل أصحاب المهن الأخرى يؤدون أعمالهم على الوجه الأكمل ، ولم يلحظ أكتظاظ المستشفيات بالمرضى ، فالعمل يزيد من قوة الإنسان ، ويهبه القدرة على مواجهة الأمراض ، والكسل يورث الفتور . تنبه أمير إلى صوت أخته تقرأ قول رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : (( ان الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه )) فى أول درس لها فى اللغة العربية .